مقياس تاريخ الحضارات :
تعريف الحضارة لغة و اصطلاحا :
- لغة :
الحضارة مشتقة من الحضر و الحاضرة و يقول "إبن منظور" في كتابه لسان العرب : و الحضر و الحضرة و الحاضرة خلاف البادية و هي المدن و القرى ، و سميت بذلك لأن أهلها حضروا الأمصار و مساكن الديار التي يكون لهم فيها القرار و يقال فلان من أهل الحاضرة و فلان من أهل البادية وفلا ن حضري و فلان بدوي ، و الحضارة بكسر الحاء و هي الإقامة في الحاضر و كان "الأصمعي" يقول الحضارة بفتح الحاء .
- أما اصطلاحا :
فالحضارة هو كل ما ينشأ عن تفاعل إنسان مع بيئته أي كل ما يتعلق بحياة الشعوب داخل التجمعات السكنية و داخل المراكز الحضرية و يعبر عنها بالمدينة و هي تعني مختلف النشاطات البشرية في المدن و كذلك الثقافة التي تستعمل لدلالة على جميع المناحي الحضارية خاصة العلمية و الأدبية و الفنية و طريقة التفكير و هذا ما جعل "ابن خلدون" في كتابه -المقدمة باب العمران البشري - حيث يقول : العمران هو حياة الإنسان في المدينة ، و يقدم الأستاذ حسين في كتابه الحضارة تعريفا شاملا بقوله : الحضارة بمفهومها العام هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ضروف حياته أكان هذا المجهود مقصودا أو غير مقصود للوصول إلى تلك الثمرة وسواء كانت تلك الثمرة مادية أو معنوية وهذا هو مفهوم الحضارة وهو مرتبط أشد الإرتباط بالتاريخ لأن التاريخ هو الزمن و الثمرات الحضارية هي الإنتاج الحضاري و هذه الثمرات تحتاج إلى جهد الإنسان كي تظهر، و لا تستقيم قيمة هذا الإنتاج إلا إذا جرب وعرف فائدته و تعلم كيف يصنعها و يستفيد و هذا يحتاج إلى زمن ، و لا بد كذلك أن يتكاثر الإنتاج و يتراكم حتى يكون له أثر في حياة الإنسان و يصبح جزءا منه و يمكن أن نلخص ما ذهب إليه "حسين مؤنس" من خلال أمثلة كثيرة من تاريخ عدة حضارات من عمارتها و فنونها و صناعتها منذ فترة ما قبل التاريخ خاصة بداية مع العصر الحجري الحديث و أبسط مثال على ذلك إكتشاف الإنسان "للمعزقة" في الحضارة السومرية منذ حوالي 4000 سنة قبل الميلاد و لو أن الاإنسان السومري ترك هذا الاكتشاف و استغنى عنه لما عرفت البشرية فيما بعد صناعة الوسائل و الأدوات الزراعية و اكتشاف المحراث و نفس الأمر يقال بالنسبة للقوس ، فإذا وفق الانسان إلى صناعة القوس و تركها لما اهتدى الانسان لتطوير وسائل القنص .
- إن تاريخ الحضارة هو ذلك الصراع بين الانسان و بيئته و تفاعله معها فالحضارة إذا هي وليدة الانسان و طبيعته فالحضارة بإنتاجها تختلف باختلاف البيئة العمرانية و الزمن في تطورها و أساليبها ووسائلها و رغم أنها قامت في بيئات عمرانية مختلفة فإن هناك بعض الشروط الداخلية التي تساعد على قيامها من شروط جغرافية و اقتصادية و سياسية و اجتماعية و فكرية ، و الحضارة ليست من صنع صنف واحد بل هي من صنع المجتمع أو المجموعات البشرية لأن الإنسان مدني بطبعه و هذا على شرط "ابن خلدون" : " أي إنسان مسخر لخدمة أهله و مجتمعه ومن الناس من هو مسخر لخدمة أمته من العلماء و الحكام و قبل هؤلاء الأنبياء و الرسل " فالإنسان يحتاج في حياته لمعلم و يحتاج لأهل الصلائح و يحتاج لمن يقيم الحدود و يحتاج لمن يحميه من شر كل طارئ و بهذا يتجسد الانتاج الحضاري .
- إن عمر الفرد محدود بينما عمر المجتمع و الحضارة طويل غالبا و يتطوران باستمرار و الحضارة تكون عادة و ليدة إتصال شعوب متعددة و يظهر ذلك واضحا من خلال تطور و سائل الاتصال و المثال القريب لذلك الحضارة الإسلامية حيث لعبت الأجناس البشرية المتوافدة دورا كبيرا في تطوير الحضارة الإسلامية و حياة المجتمع في المدنية (التمدن) و إذا اعتبرنا الإنسان و البيئة من شروط نشئته و تطور الحضارة فهي إذن من الشروط الداخلية و من ثم هناك شروط خارجية تتحكم في نشأتها و تطورها و أهمها و سائل الاتصال بين الشعوب و هذا الشرط يمكن أن يكون عامل لتطور حضارة أو لهدمها لعلمنا أن وسائل الاتصال بين الشعوب تكون سلمية أو حربية مثل التجارة و السياحة و الهجرة و الاختلاط و قد تكون عن طريق الغزو و الاحتلال و يمكن تقديم أمثلة حتى يستقيم (يتّضح) الأمر ففي حالة السلم عادة ما تكون النتائج إيجابية حيث تتقبل الشعوب المقيمة الأفكار و الانتاج الحضاري للشعوب الوافدة ما لم يكون في ذلك إستبداد أو طغيان و محاولة إستغباء الطرف الآخر و هذا ما وقع ماضيا و يقع حاضرا عند الأفراد و الجماعات التي تقبلت الفكر الإسلامي و الحضارة الآسيوية و الإفريقية التي وصل إليها الإسلام عن طريق التجارة و عن طريق هجرة العلماء من بلدان الغرب النصراني .
- أما في حالة الغزو فإن الشعوب المغلوبة مولعة بالشعوب الغالبة في حالهم و هندامهم كما يمكن للشعوب الغالبة أن تتأثر حضاريا بالشعوب المغلوبة و يمكن لهذا العامل أن يكون مهدم للحضارة مثلما فعل التتار في بغداد و كذلك الأمريكان في عصرنا المعاصر أما الحكم الأجنبي فأقصد به هذا الاستيطان الذي يريد من خلاله المحتل محو وطمس الهوية للشعوب أو البلدات المحتلة و ضربها بمعالم نشأتها و تطورها و انظر إن شئت إلى الاحتلال الفرنسي في الجزائر و آثاره على المنظومة الاجتماعية الجزائرية و نلمس ذلك في حياتنا اليوم
طالع كل ما يخص مقياس تاريخ الحضارات بالضغط على الرابط التالي :
تعريف الحضارة لغة و اصطلاحا :
- لغة :
الحضارة مشتقة من الحضر و الحاضرة و يقول "إبن منظور" في كتابه لسان العرب : و الحضر و الحضرة و الحاضرة خلاف البادية و هي المدن و القرى ، و سميت بذلك لأن أهلها حضروا الأمصار و مساكن الديار التي يكون لهم فيها القرار و يقال فلان من أهل الحاضرة و فلان من أهل البادية وفلا ن حضري و فلان بدوي ، و الحضارة بكسر الحاء و هي الإقامة في الحاضر و كان "الأصمعي" يقول الحضارة بفتح الحاء .
- أما اصطلاحا :
فالحضارة هو كل ما ينشأ عن تفاعل إنسان مع بيئته أي كل ما يتعلق بحياة الشعوب داخل التجمعات السكنية و داخل المراكز الحضرية و يعبر عنها بالمدينة و هي تعني مختلف النشاطات البشرية في المدن و كذلك الثقافة التي تستعمل لدلالة على جميع المناحي الحضارية خاصة العلمية و الأدبية و الفنية و طريقة التفكير و هذا ما جعل "ابن خلدون" في كتابه -المقدمة باب العمران البشري - حيث يقول : العمران هو حياة الإنسان في المدينة ، و يقدم الأستاذ حسين في كتابه الحضارة تعريفا شاملا بقوله : الحضارة بمفهومها العام هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ضروف حياته أكان هذا المجهود مقصودا أو غير مقصود للوصول إلى تلك الثمرة وسواء كانت تلك الثمرة مادية أو معنوية وهذا هو مفهوم الحضارة وهو مرتبط أشد الإرتباط بالتاريخ لأن التاريخ هو الزمن و الثمرات الحضارية هي الإنتاج الحضاري و هذه الثمرات تحتاج إلى جهد الإنسان كي تظهر، و لا تستقيم قيمة هذا الإنتاج إلا إذا جرب وعرف فائدته و تعلم كيف يصنعها و يستفيد و هذا يحتاج إلى زمن ، و لا بد كذلك أن يتكاثر الإنتاج و يتراكم حتى يكون له أثر في حياة الإنسان و يصبح جزءا منه و يمكن أن نلخص ما ذهب إليه "حسين مؤنس" من خلال أمثلة كثيرة من تاريخ عدة حضارات من عمارتها و فنونها و صناعتها منذ فترة ما قبل التاريخ خاصة بداية مع العصر الحجري الحديث و أبسط مثال على ذلك إكتشاف الإنسان "للمعزقة" في الحضارة السومرية منذ حوالي 4000 سنة قبل الميلاد و لو أن الاإنسان السومري ترك هذا الاكتشاف و استغنى عنه لما عرفت البشرية فيما بعد صناعة الوسائل و الأدوات الزراعية و اكتشاف المحراث و نفس الأمر يقال بالنسبة للقوس ، فإذا وفق الانسان إلى صناعة القوس و تركها لما اهتدى الانسان لتطوير وسائل القنص .
- إن تاريخ الحضارة هو ذلك الصراع بين الانسان و بيئته و تفاعله معها فالحضارة إذا هي وليدة الانسان و طبيعته فالحضارة بإنتاجها تختلف باختلاف البيئة العمرانية و الزمن في تطورها و أساليبها ووسائلها و رغم أنها قامت في بيئات عمرانية مختلفة فإن هناك بعض الشروط الداخلية التي تساعد على قيامها من شروط جغرافية و اقتصادية و سياسية و اجتماعية و فكرية ، و الحضارة ليست من صنع صنف واحد بل هي من صنع المجتمع أو المجموعات البشرية لأن الإنسان مدني بطبعه و هذا على شرط "ابن خلدون" : " أي إنسان مسخر لخدمة أهله و مجتمعه ومن الناس من هو مسخر لخدمة أمته من العلماء و الحكام و قبل هؤلاء الأنبياء و الرسل " فالإنسان يحتاج في حياته لمعلم و يحتاج لأهل الصلائح و يحتاج لمن يقيم الحدود و يحتاج لمن يحميه من شر كل طارئ و بهذا يتجسد الانتاج الحضاري .
- إن عمر الفرد محدود بينما عمر المجتمع و الحضارة طويل غالبا و يتطوران باستمرار و الحضارة تكون عادة و ليدة إتصال شعوب متعددة و يظهر ذلك واضحا من خلال تطور و سائل الاتصال و المثال القريب لذلك الحضارة الإسلامية حيث لعبت الأجناس البشرية المتوافدة دورا كبيرا في تطوير الحضارة الإسلامية و حياة المجتمع في المدنية (التمدن) و إذا اعتبرنا الإنسان و البيئة من شروط نشئته و تطور الحضارة فهي إذن من الشروط الداخلية و من ثم هناك شروط خارجية تتحكم في نشأتها و تطورها و أهمها و سائل الاتصال بين الشعوب و هذا الشرط يمكن أن يكون عامل لتطور حضارة أو لهدمها لعلمنا أن وسائل الاتصال بين الشعوب تكون سلمية أو حربية مثل التجارة و السياحة و الهجرة و الاختلاط و قد تكون عن طريق الغزو و الاحتلال و يمكن تقديم أمثلة حتى يستقيم (يتّضح) الأمر ففي حالة السلم عادة ما تكون النتائج إيجابية حيث تتقبل الشعوب المقيمة الأفكار و الانتاج الحضاري للشعوب الوافدة ما لم يكون في ذلك إستبداد أو طغيان و محاولة إستغباء الطرف الآخر و هذا ما وقع ماضيا و يقع حاضرا عند الأفراد و الجماعات التي تقبلت الفكر الإسلامي و الحضارة الآسيوية و الإفريقية التي وصل إليها الإسلام عن طريق التجارة و عن طريق هجرة العلماء من بلدان الغرب النصراني .
- أما في حالة الغزو فإن الشعوب المغلوبة مولعة بالشعوب الغالبة في حالهم و هندامهم كما يمكن للشعوب الغالبة أن تتأثر حضاريا بالشعوب المغلوبة و يمكن لهذا العامل أن يكون مهدم للحضارة مثلما فعل التتار في بغداد و كذلك الأمريكان في عصرنا المعاصر أما الحكم الأجنبي فأقصد به هذا الاستيطان الذي يريد من خلاله المحتل محو وطمس الهوية للشعوب أو البلدات المحتلة و ضربها بمعالم نشأتها و تطورها و انظر إن شئت إلى الاحتلال الفرنسي في الجزائر و آثاره على المنظومة الاجتماعية الجزائرية و نلمس ذلك في حياتنا اليوم
طالع كل ما يخص مقياس تاريخ الحضارات بالضغط على الرابط التالي :